في مثل هذا اليوم من كل عام نحتفل بذكرى خالدة ومناسبة عزيزة في تاريخ هذا الوطن الغالي، حيث يعيدنا الزمان إلى يوم تاريخي لا ينسى عندما سخر الله لهذا الوطن الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن ال سعود ــ طيب الله ثراه ــ الذي وحد هذه البلاد تحت راية التوحيد الخالدة (لا إله إلا الله محمد رسول الله) وذلك في الواحد والعشرون من شهر جمادى الأولى 1351 هـ الموافق 23 سبتمبر 1932م وأقام مجدها على كتاب الله وسنة نبيه ــ صلى الله عليه وسلم ــ فقامت دولة حديثة تحت مسمى (المملكة العربية السعودية).
إن هذه الذكرى العزيزة استنهضت بنا الهمم لنستلهم الدروس والعبر من مسيرة ملوك تعاقبوا على مقاليد الحكم في هذه البلاد الغالية وسطروا التاريخ بماء من ذهب لما حققوه من إنجازات على ثرى هذا الوطن .. وبدأت هذه الإنجازات بما قام به الملك المؤسس الملك عبدالعزيز (طيب الله ثراه) الذي استطاع بعد توفيق الله أن يضع قواعد هذا الكيان الشامخ ويركز ثوابته ومنطلقاته التي مازلنا نستنير بها في حاضرنا ومستقبلنا، وسار على خطاه أبناؤه البررة ملوك المملكة العربية السعودية الذين تعاقبو على إدارة هذا الوطن الغالي )الملك سعود،الملك فيصل الملك خالد،خادم الحرمين الشريفين الملك فهد،خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله (ـ رحمهم الله جميعاً ـ الذين ادارو هذه البلاد المباركة وطوروها وواصـلـو الـمسيرة بكـل إخـلاص وتـفان لـضمان التقدم وطناً وشعباً إلى أن وصل الحال لما هو عليه الآن من النمو والازدهار في هذا العهد الميمون عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ـ يحفظة الله ـ والذي شهدت المملكة خلاله قفزات حضارية بارزة في جميع المجالات من خدمات ومشاريع عملاقة هدفها تحقيق الديمومة لمصادر الدخل وتنمية الوطن ورفاهية المواطن وبناء مستقبل زاهر بعون الله.
ولعل رؤية المملكة 2030م التي أعلنت في هذا العهد الزاهر تعد الإنطلاقه الكبرى بمشيئة الله لعهد يرتكز على أساسات وطيدة تدعمها عقول تخطط لحاضر موجود ومستقبل مشرق بإذن الله من خلال بناء إقتصاد قوي يستثمر للأجيال القادمة ويرتقي بالقوه الإقتصادية الشاملة في تنوع مصادر الدخل والإستفادة من الموقع والمميز النسبية لمواردها ليكون هذا الوطن في مصاف الدول ذات الحضور القيادي المميز في كافة المجالات.
كما أن الملاحظ لحركة التنمية في المملكة يلمس حنكة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ـ يحفظه الله ـ على الساحة المحلية والدولية خصوصا في هذه الاوقات التي يشهد فيها العالم أزمات سياسية واقتصادية لتبقى المملكة شاخصة تقاوم أمواج التأثير المتلاحقة خصوصاً مع الإنخفاض الكبير في أسعار النفط العالمية والعوامل المختلفة والتي أنبأت بسنوات عجاف وفقا لغالبية الخبراء العالميين، إلا أن حكمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ـ حفظه الله ـ منحت المملكة القدرة على امتصاص تلك الصدمات والهزات المتتالية ودفعت بالاقتصاد الوطني الى مواصلة النمو وخير مثال النهج الحديث في إعداد ميزانية الدولة وما تمثله من نقلة نوعية للتنمية للسنوات القادمة, والاستفادة من جميع الموارد المتاحة من أجل رفاهية ورخاء كل من يتشرف بالإنتماء لهذه البلاد الطيبة والمقيمين على أرضها، مما سيحقق مزيدا من الثقة في الاقتصاد الوطني وسيسهم في تنويع مصادر الدخل.
وفي منظومة الأمن الغذائي والتي تعتبر من أكثر المنظومات حساسيةً حرصت القيادة الرشيدة على تشييد المؤسسة العامة للحبوب في العام 1392هـ ، وتابعت تطويرها بتشييد مصانع عملاقة لتخزين القمح وإنتاج مادة الدقيق حتى بلغ عدد فروع المؤسسة المنتشرة في أنحاء المملكة أربعة عشر فرعاً تنتج حالياً أكثر من سبعين مليون كيس دقيق يغطي كافة إحتياجات المواطنين والمقيمين وزوار بيت الله الحرام ومسجد الرسول .
وفي العهد الميمون لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز "أيده الله" تم تدشين عددٍ من المشروعات والتوسعات التي كان أولها في شهر شعبان من عام 1436هـ حيث تم افتتاح فرع متكامل في محافظة الجموم يضم صوامع تخزينية للقمح بسعة (250) الف طن وطاقة إنتاجية للدقيق بلغت (1200) طن قمح في اليوم، وفي جمادى الأخرة من هذا العام ، تم تدشين مطحنة بمحافظة الخرج بطاقة إنتاجية للدقيق بلغت (600) طن قمح في اليوم، وتبعه في شهر شعبان افتتاح فرعٍ متكاملٍ في منطقة جازان يضم صوامع تخزينية للقمح بسعة (120) ألف طن ، ومطحنة لإنتاج الدقيق بطاقة (600) طن قمح في اليوم ، ومؤخراً دشنت المؤسسة توسعة لصوامع تخزين القمح في محافظة جدة بسعه تخزينيه بلغت (140) الف طن لتصل السعه الإستيعابية الإجماليه للفرع (260) الف طن متري، وخلال الفتره القليلة القادمة ستقوم المؤسسة بتدشين توسعة صوامع تخزين القمح بفرع المؤسسة بالدمام بسعة تخزين تبلغ (140) الف طن إضافة إلى افتتاح فرع متكامل بمنطقة الأحساء يضم صوامع لتخزين القمح بسعة (60) ألف طن وطاقة إنتاجية لمطاحن الدقيق تبلغ (600) طن قمح باليوم.
أخـيـراً نسـأل الله لـهذا الـوطـن الـغالي مزيداً من التقدم والتنـميـة والازدهـار في ظـل قيادة خـادم الـحـرمين الشـريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسـمو ولي عـهده الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز،وسمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ـ حفظهم الله جميعا ًـ وأن نحتفل بهذه المناسبة العزيزة عام بعد عام ونحن ننعم بالأمن والأمان والاستقرار والرخاء على ثرى هذا الوطن الطاهر.